الشاعر عبدالله البرودني
نبذه عن الشاعر:
عبد الله البردوني
ولد عام 1348هـ 1929 م في قرية البردون (اليمن) أصيب بالعمى في السادسة من عمره بسبب
الجدري ، درس في مدارس ذمار لمدة عشر سنوات ثم انتقل إلى صنعاء حيث أكمل دراسته في دار
العلوم وتخرج فيها عام 1953م . ثم عُين أستاذا للآداب العربية في المدرسة ذاتها. وعمل أيضا
مسؤولا عن البرامج في الإذاعة اليمنية.
أدخل السجن في عهد الإمام أحمد حميد الدين وصور ذلك في إحدى قصائده فكانوا أربعة في واحد حسب
تعبيره ، العمى والقيد والجرح يقول :
هدني السجن وأدمى القيد ســاقي فتعاييت بجرحي ووثــــــــاقي
وأضعت الخطو في شوك الدجى والعمى والقيد والجرح رفاقي
في سبيل الفجر مــــــا لاقيت في رحلة التيه وما سوف ألاقـــي
سوف يفنى كل قيد وقـــــــــوى كل سفاح وعطر الجرح باقي .
له عشرة دواوين شعرية، وست دراسات. .
صدرت دراسته الأولى "رحلة في الشعر قديمه وحديثه" عام 1972.
أما دواوينه فهي على التوالي:
- من أرض بلقيس 1961 –
- في طريق الفجر 1967 –
- مدينة الغد 1970
- - لعيني أم بلقيس 1973
- - السفر إلى الأيام الخضر 1974
- - وجوه دخانية في مرايا الليل 1977
- زمان بلا نوعية 1979
- - ترجمة رملية لأعراس الغبار 1983
- - كائنات الشوق الاخر 1986
- رواء المصابيح 1989
لعيني أم بلقيس
لــعــيـنـي أم بــلــقـيـس بــدايــاتــي وغــايــاتـي
لــهــا أغــلــى حـبـيـباتي لــهــا أزهـــى فـتـوحـاتي
لــهـا غـــزوي وإرهــاقـي وإبــحــاري إلـــى الآتـــي
وأســفـاري إلـــى الـمـاضي فــتــوحـاتـي ورايـــاتــي
لــعــيـنـي أم بــلــقـيـس وأقـــمــاري وغــيـمـاتـي
وأنــقــاضـي وأجــنـحـتـي لــهــا أشــــواق أوبــاتـي
لــهــا تــلـويـح تـوديـعـي أغـــرب وهـــي مــرآتـي
أشــــرق وهـــي قــدامـي ومــنـهـا تـبـتـدي ذاتـــي
إلــيـهـا تـنـتـهي روحـــي وأســكـت وهـــي إنـصـاتي
أغــنــي وهـــي أنـفـاسـي وأحــسـو وهـــي كـاسـاتـي
وأظــمـأ وهـــي إحــراقـي وأحــيــا وهـــي مـأسـاتـي
أمــــوت وحـبـهـا مــوتـي وأشــــدو ظـامـئـا هـــات
تـرويـنـي لــظـى وهـــوى وأتــبــعـهـا كــعــاداتـي
فـتـقـصـيـنـي كــعـادتـهـا مــجـاديـفـي ومــرســاتـي
وأغــسـل مـــن روائـحـهـا وأســـأل أيـــن مــولاتـي؟
هــنــا وهــنـاك مــولاتـي عــلــى أكــتـاف آهــاتـي
أنــــا فــيـهـا وأحـمـلـها عـــلــى ذرات ذراتـــــي
عــلــى أشـــواق أشـــواق فـتـنـمـو فـــي جـراحـاتـي
وأذوي وهـــــي تـحـمـلـني فـتـغـلـي فـــي صـبـابـاتي
وأســــأل أيــــن ألـقـاهـا ومــــن أحـــزان أوقــاتـي
فـتـرنو مــن أســى هـمـسي أشــكــل وجــــه نــحـات
ومـــن صـمـتـي كـتـمـثال ومـــن ضـحـكـات حـلـواتي
وتـبـدو مــن شــذى غـزلـي ومــــن لـفـتـات جــاراتـي
ومـــن نــظـرات جـيـرانـي ومــــن هــذيـان جــداتـي
ومــــن أســمـار أجـــدادي ومـــن أطــيـاف أمــواتـي
ومــــن أحـــلام أطـفـالـي هــنــا تـاريـخـها الـعـاتـي
هــنــا مــيـلادي غـالـيـتي وراء الــغـيـهـب الــشـاتـي
هــنــا تــمـتـد عــاريــة فـيـمـضي قــبـل أن يــأتـي
تــحـن إلــى الـغـد الأهـنـى فـيـمـضي قــبـل أن يــاتـي
بعد الحب .. رائعة لرائع ..
بعد الحب
لا تسل كيف ابتدينا لا ، و لا كيف انتهينا
لا تقل كيف انطوى الحبّ و لا كيف انطوينا
ملعب دار بعمرينا فولّى من لدينا
وانقضى الدور فعدنا عنه من حيث أتينا
لا تسل كيف تنائيـ نا و لا كيف التقينا
لا تقل كنّا و كان الشوق منّا و إلينا
هل شربنا خمرة الحب و هل نحن ارتوينا
آه لا خمر و لا حبّ متى كان و أينا
لاحت الكأس لثغريـ نا وجفّت في يدينا
***
عندما لاح بريق الكأس ولّت بالبريق
وارتشفنا من رحيق الحبّ أطياف الرحيق
و تلاشي حلم الصّفو كأنفاس الغريق
هكذا كان تلاقينا على الدور الأنيق
***
وانتهى الدور و ها نحن انتهينا من صبانا
حيث طاف الحبّ كالوهم و كالوهم تفانى
وانطوى عنّا كما تطوي الدياجير الدخانا
و تركنا في الرمال الحبّ آثار خطانا
غير أنا قد نسينا أو تناسينا لقانا
و سألنا الوهم بعد الحبّ هل كنّا و كانا
أين منّا الملعب الطفل تناغيه منانا
***
ملعب درنا به حينا فأصابانا و ملّا
ملعب ما كان أصفا ه و ما أشهى و أحلى
غاب في الأمس فولّينا عن الأمس وولّى
و تسلّينا و من لم يلق ما يهوى تسلّى
هائم ..
قلبه المستهام ظمآن عاني .. يحتسي الوهم من كئوس الأماني
قلبه ظاميء إليك فصبّي .. فيه عطر الهوى و ظلّ التداني
واذكري قلبه الحبيس المعنّى.. واملأي الكأس من رحيق الحنان
إنّه عاشق و أنت هواه ..إنّه فيك ذائب الروح فإنّي
أنت في همسة مناجاة أوتار .. و في صمته أرقّ الأغاني
إنّه في هواك يحرق بالحبّ .. و يدعوك من وراء الدخان
سابح في هواك يهفو كفكر .. شاعر يرتمي وراء المعاني
أين يلقاك أين ماتت شكاواه .. و جفّت أصداؤه في اللّسان
إنّه ظاميء إلى ريّك الحاني .. مشوق إلى الظلال الحواني
تائه في الحنين يهوى . كروح .. ضائع يسأل الدجا عن كيان
ظاميء يشرب الحريق المدمّى .. و يعاني من الظمأ ما يعاني
أنت في قلبه الحياة و كلّ .. الحـب كلّ الهوى و كلّ الغواني
فيك كلّ الجمال فيك التقى الحسـن .. و فيك التقت جميع الحسان
لم يهب قلبه سواك و لكن .. لم يذق منك غير طعم الهوان
فامنحيه يا واحة الحبّ ظلّا .. و انفضي حوله ندى الأقحوان
و اسكبي الفجر في دجاه وزفّي .. في شقا حبّه رفيف الجنان
إنّه هائم يعيش و يفنى .. بين جور الهوى و ظلم الزمان
ميّت لم يمت كما يعرف النا س .. و لكن يموت في كلّ آن
.............................. ..